مراسلون

لا أحد في مأمن في لبنان!

هزت الانفجارات المتتالية والمتزامنة لأجهزة اتصالات لاسلكية محمولة يستخدمها عناصر من حزب الله عدة مناطق في لبنان مخلفة نحو 3000 مصاب و13 قتيلاً، حيث سقط المئات من أعضاء جماعة “حزب الله” اللبنانية، أول أمس الثلاثاء، في جنوب لبنان والضاحية الجنوبية ببيروت بعد انفجار أجهزة اتصال محمولة البيجر يستخدمونها، ما أعاد للواجهة الكثير من التساؤلات حول تلك الوسائط، وكيفية اختراقها وخطورتها وأسباب انفجارها ؟، الأمر الذي يجعلنا أيضا نتأمل القوة التي يمكن أن تمارسها أي دولة على البلدان التي تزودها بأجهزة الاتصالات ومخاطر وانعكاسات هذه الحروب الجديدة على بلدان العالم الثالث برمتها؟

وفي هذا الصدد وفي عملية تعرف في عالم الحرب السيبرانية بـ “الزر الأحمر”، انفجر آلاف من الأجهزة بأيدي من يحملونها؛ مما أدى إلى مقتل 13 لبنانيين، بينهم طفلة وعناصر من “حزب الله”، وإصابة نحو 3000 منهم 200 في حالة حرجة، وفق وزارة الصحة والحزب.

ما هو “البيجر”

“بيجر” جهاز اتصال إلكتروني لاسلكي صغير ومحمول يستخدمه مدنيون وعاملون بالقطاع الصحي وغيرهم للتواصل داخل مؤسسات أو مجموعات ومنظومات مختلفة، وهو يعمل ببطاريات قابلة للشحن ويستقبل رسائل مكتوبة واتصالات وإشارات صوتية وضوئية، وشاع استخدام البيجر في تسعينات القرن الماضي، ثم تقلص استخدامه تدريجيا مع ظهور الهواتف الذكية، حتى لم يعد يستخدم إلا في الحالات النادرة وفي مناطق يضعف فيها (أو لا يصلها) بث الهاتف المتحرك (المحمول/النقال/الجوال)، كما ظل الجهاز الصغير مستخدما في بعض المستشفيات، حيث يكتفي الأطباء بالتواصل عبره، ويستدعي بعضهم بعضا تفاديا للصخب الذي تحدثه المكالمات الهاتفية، وحتى لا تؤثر ذبذبات الهواتف المتحركة على الاجهزة الطبية الموجودة في تلك المستشفيات، و يعمل جهاز نداء لاسلكي عن طريق استقبال إشارة من جهاز إرسال، عندما يرسل شخص ما رسالة إلى جهاز البيجر، يتم تحويل هذه الرسالة إلى إشارة راديو يمكن استقبالها عن طريق جهاز البيجر، ويصدر البيجر صوت تنبيه أو اهتزاز لتنبيه صاحبه بوجود رسالة بعد استقبال الرسالة، يمكن للمستخدم الاتصال بالرقم الموجود على شاشة البيجر للرد على الرسالة أو التواصل مع المرسل.

تفاصيل شحنة البيجر المتفجرة في لبنان

وبينما يلتزم الكيان الصهيوني بالصمت، قالت وسائل إعلام أمريكية، بينها صحيفة “نيويورك تايمز” وشبكة “سي إن إن”، إن تل أبيب وضعت شحنات متفجرات صغيرة داخل أجهزة مستوردة قبل وصولها إلى لبنان، ثم فجرتها عن بعد، وأفادت صحيفة “نيويورك تايمز” أن أجهزة النداء اللاسلكية “بيجر” التي انفجرت بأيدي عناصر حزب الله بشكل متزامن أول أمس الثلاثاء، تم تصنيعها في تايوان وقام الكيان الصهيوني بتفخيخها قبل وصولها إلى لبنان، كما حملت الحكومة اللبنانية وحزب الله إسرائيل مسؤولية هذه الانفجارات ومع ذلك، لم يصدر الكيان الصهيوني أي تعليق رسمي بشأن الحادث، كما اعلنت شركة غولد أبولو التايوانية أن أجهزة الاتصال التي انفجرت بشكل متزامن بأيدي عناصر من حزب الله من صنع شريكها المجري.

من يملك التكنولوجيا يملك القوة

وبالنظر لما نشاهده حاليا من تطور كبير في مجال الرقمنة والتكنولوجيا والحروب السيبرانية، وبعد أن هزت الانفجارات المتتالية والمتزامنة لأجهزة اتصالات لاسلكية محمولة يستخدمها عناصر من حزب الله عدة مناطق في لبنان لبذا من دق ناقوس الخطر في مختلف الدول خاصة دولنا العربية التي تعد مستهلكة ومستوردة لهذه التكنولوجيا وليست بمنتجة، الأمر الذي يجعلنا هنا نتأمل القوة التي يمكن أن تمارسها أي دولة على البلدان التي تزودها بأجهزة الاتصالات، ففي العصور السابقة، كانت التقنيات التي شكلت الجغرافيا السياسية من البرونز إلى الصلب، والطاقة البخارية إلى الانشطار النووي ، أما الآن فتكنولوجيات الرقمية و الأجهزة الاتصالية الحديثة و الذكاء الاصطناعي هم مصدر القوة في عالم تحكمه التكنولوجيا ، هذه الظاهرة تجعل عصر التكنولوجيا و الحرب الرقمية مختلفة اختلافًا جوهريً عن العصر القديم ، فالتكنولوجيا الرقمية يمكن أن توفر في الحروب بالفعل مزايا رئيسية في المجال العسكري، حيث يمكنها تحليل ملايين المدخلات، وتحديد الأنماط، وتنبيه القادة إلى نشاط العدو، و ضرب العدو عن بعد مثلما حدث في لبنان من تفجيرات لأجهزة “البيجر” ، بالإضافة لاستخدم الذكاء الاصطناعي لمسح بيانات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع بكفاءة من مجموعة متنوعة من المصادر .

تفجيرات لبنان تحذير حقيقي لما يقع في العالم من تحول خطير

وحول استخدام البيجر كقنبلة صغيرة موقوتة يبدو إن تفجير أجهزة البيجر في لبنان سيتسبب بضرر كبير لجميع شركات التوريد الغربية بشكل عام فيفقد المستخدم الثقة بالجهاز الذي بين يديه ويصبح الجهاز سلاحا ومتفجرات فلا يوجد بديل لدى الدول المستوردة ان تعيد تفكير أن ما نشهده من ثورة في مجال الاتصالات والمعلومات وخاصة الثورة الإلكترونية الواسعة النطاق أدت إلى تغيرات جمة في الأبعاد السياسية والاجتماعية والاقتصادية وبالطبع العسكرية، وفي الواقع فإن الثورة التكنولوجية وخاصة الثورة الإلكترونية مارست تأثيرها على ظاهرة الحرب والدفاع، وفي هذا الصدد أدت الثورة الإلكترونية في هذا المجال إلى نشوء حروب جديدة مثل حروب الذكاء الاصطناعي والحروب الإلكترونية، هذا ما أثر بدوره على تهديد الدول ودفعها إلى سباق التسلح والسعي إلى امتلاك التكنولوجيا وتوظيفها في مجال الحروب وخاصة السباق حول الذكاء الاصطناعي وتوظيفه في الحروب، لهذا على الدول العربية أن تأخذ حذرها و تستخلص العبرة مما حدث في لبنان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى