مؤتمر الصومام.. محطة تاريخية لإرساء أسس الجزائر المستقلة

يستذكر الجزائريون، اليوم، الذكرى الـ 68 لانعقاد مؤتمر الصومام، الذي كان بمثابة محطة مفصلية في مسار الثورة الجزائرية المجيدة مجسدا معالم تنظيم سياسي وعسكري جديد، ومحددا أهم مقومات الجزائر المستقلة.
انعقد المؤتمر الأول لجبهة التحرير الوطني في إفري أوزلاغن بولاية بجاية في سرية تامة بمشاركة قادة الثورة، على رأسهم العربي بن مهيدي الذي كان مسؤولا عن المنطقة الخامسة والذي تولى رئاسة المؤتمر، عبان رمضان، منسق الجزائر العاصمة آنذاك والذي عين أمينا للمؤتمر، زيغود يوسف ممثل المنطقة الثانية، كريم بلقاسم من المنطقة الثالثة، عمار أوعمران من المنطقة الرابعة، ولخضر بن طوبال من المنطقة الثانية، والذي كان أحد مهندسي هجمات الشمال القسنطيني، إلى جانب زيغود يوسف، في أوت 1955.
لقد ضم المؤتمر 16 وفدا، حسب تصريح سابق للراحل جودي عتومي، الضابط السابق في جيش التحرير الوطني ومؤرخ الثورة، الذي سجل أن الاستعدادات لتنظيم المؤتمر انطلقت في بداية سنة 1956، قبل ستة أشهر من الموعد المحدد لانعقاده.
وفي مقابلة للراحل جودي عتومي مع وكالة الأنباء الجزائرية، أسابيع قليلة قبل وفاته في سبتمبر 2021 جراء مضاعفات فيروس كورونا، قال إن عبان رمضان وبن مهيدي، اللذان كانا يشكلان “ثنائيا مقدسا” و كان “لا يفترقان” وكذلك عمار أوزغن، قاما بـ “عمل رائع” تحضيرا للمؤتمر.
من جهته، ذكر مدير متحف المجاهدين في بجاية، هاني رضوان، في حديث سابق لوكالة الأنباء الجزائرية تفاصيل عن المؤتمر وقدم أرقاما خاصة به.
و قال رضوان لـ “وأج”: “لقد قدم المؤتمرون حصيلة دقيقة لعامين من الثورة (1954-1956)، واتخذوا قرارات حاسمة ليس فقط لتصحيح النقائص بل أيضا لإعادة بناء التنظيم السياسي والعسكري للثورة، وبالتالي توجيهها نحو النصر”.
وتابع أنه “لم يغب أي جانب عن تحليلهم واهتماماتهم”، مشيرا الى إنشاء الولايات التاريخية والتقسيم الإداري والعسكري الجديد وإنشاء المحاكم وصحافة وإعلام، فضلا عن العديد من المجالات الأخرى التي تهم المجاهدين والمواطن بصفة عامة.
ولفت مدير المتحف إلى أنه “حتى الأيتام والضحايا تم التطرق إليهم في المناقشات بهدف مساعدة الفقراء وضحايا الحرب”.
وفي نفس الإطار، أشار هاني رضوان إلى أن عميروش قد خطط لكل شيء إلى الحد الذي كان يراقب فيه الإمدادات الغذائية المخصصة للمشاركين في المؤتمر, مشددا على ضرورة مضاعفة عدد الممونين لتجنب لفت انتباه وفضول الوشاة.
وعلى الصعيد العملياتي و في إطار الحفاظ على سرية موقع إيفري، قام عميروش بنشر جنوده في جميع أنحاء وادي الصومام و عمد إلى نصب الكمائن وعمليات أخرى بأماكن بعيدة بهدف تحويل انتباه العدو إليها و تشغيل قواته في عمليات لا طائل منها،على غرار قطع الخط الحديدي بين آقبو و أوزلاقن، وهو ما صعب من مهمة الجيش الفرنسي.
واختتم المؤتمر بتبني عدد كبير من القرارات، حيث صادق خاصة على إنشاء المجلس الوطني للثورة الجزائرية ولجنة التنسيق والتنفيذ والتي وضعت الخطوط العريضة لإنشاء دولة عصرية.




