من هو المقاتل “الشبح” الذي أربك الموساد الإسرائيلي وتحتفي به الجزائر؟..
نظمت جمعية “مشعل الشهيد” بالجزائر، بالتنسيق مع السفارة الفلسطينية وقفة لإحياء “الذكرى 50 لاستشهاد مجاهد الثورة الجزائرية وشهيد القضية الفلسطينية، محمد بودية.
واستذكر المستشار الأول في سفارة فلسطين، بشير أبو حطب، “مناقب هذا المناضل الذي قدم حياته من أجل القضية الفلسطينية العادلة”، مضيفا: “محمد بودية كان يمتلك شخصية فريدة ومتنوعة، فزاوج بين الثقافة والسياسة وكان رجلا يعرف ما يفعل”.
وأعرب أبو حطب عن أسفه “لشح المعلومات حول مساهمته ومشاركته في مسار القضية الفلسطينية، حيث لم يتم الكشف عن أسراره وتفاصيل ما قدمه هذا الشخص العظيم” في سبيل دعم قضية الشعب الفلسطيني.
من جهته، أكد المنسق العام للهيئة الشعبية للتضامن مع الشعب الفلسطيني، محمد طاهر ديلمي، أن محمد بودية يبقى “أيقونة التحرر والنضال، فكان فنانا مستوعبا لطبيعة الصراع الصهيوني-العربي، وكان ضمن كوكبة العصر الذهبي فيما يتعلق بمجموعة تحرر اليسار العربي، ليشكل نموذجا يفتخر به كل جزائري متضامن مع القضية الفلسطينية”.
وأشار ديلمي إلى أن “الشهيد بودية اغتيل من أجل القضية الفلسطينية لإعلاء قيم الحرية والعزة العربية والفلسطينية، وأيضا من أجل تأكيد وحدة الصف الفلسطيني ووحدة المقاومة”، مثمنا مثل هذه المبادرات لإحياء ذكرى الشهيد، التي تبقى “مهمة للحفاظ على الذاكرة التي تعتبر من أعز ما يمتلكه الفرد والأمة”.
ولفت العقيد الجزائري المتقاعد محمد الطاهر عبد السلام، إلى “المسار النضالي للشهيد بودية بصفوف الثورة التحريرية، إلى جانب مساهمته في العديد من العمليات خارج فلسطين التي أربكت الصهاينة”، حيث أردف: “فما كان أمامهم إلا تعقبه بمساعدة الأجهزة الأوروبية التي تمكنت في الأخير من اكتشاف موقعه لتغتاله بتفجير استهدف سيارته بباريس يوم 28 يونيو 1973”.
وذكر المتحدث أن “الشهيد حمل العديد من التسميات”، من بينها “الرجل ذو المائة وجه” و”الشبح” وغيرها، حيث أطلقها عليه جهاز مخابرات الكيان الإسرائيلي “الموساد”، أما اسمه بين الخلايا الفدائية التابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ومنظمة “أيلول الأسود”، فكان “أبو ضياء”.
وأشار في مداخلته إلى “التحاق المجاهد بفرنسا بداية 1954، وعلى الرغم من موهبته الفنية التي كان يتمتع بها، إلا أنه فضل نداء الواجب الوطني، فانخرط في صفوف اتحادية جبهة التحرير الوطني بفرنسا ليصبح بعد فترة وجيزة فدائيا، فكان من الذين أشرفوا على عملية “موربيان” بضواحي مارسيليا في 25 أغسطس 1958، في حين كان رد الأمن الفرنسي عنيفا على نقل الحرب من الجزائر إلى فرنسا، وفي إطار حملته الشرسة، أسر بودية، لكنه في أواخر صائفة 1961، استطاع أن يفر من سجن “أنجي”، بفضل مساعدة الحركة الفرنسية المناهضة للاستعمار”.
وبين المجاهد عبد السلام أن “بودية انتقل من النضال في صفوف الثورة التحريرية، للاهتمام بمسائل الأمة العربية، ليلتقي سنة 1967 بقياديين في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، فتطوع لخدمة قضية هذا الوطن السليب”.
وتطرق محمد رابية، وهو أحد الذين عملوا مع بودية في مسرح الجزائر، في حديثه إلى “المسار الثقافي للشهيد، حيث كان حلقة هامة في الوسط الثقافي والإعلامي انطلاقا من مسؤوليته في هذه المؤسسة الثقافية الهامة التي ساهم، إلى جانب مصطفى كاتب وعناصر أخرى في الفرقة الفنية لجبهة التحرير التاريخية، في تأميمها مطلع 1963″، لافتا إلى “حب الشهيد للكتابة والصحافة”، حيث أسس جريدتين هما “نوفمبر” و”الجزائر هذا المساء” اللتين كشفتا عبر صفحاتهما ميله للفكر الثوري التحرري.
ودعا الحضور الى ضرورة إعادة الاعتبار للفقيد “الذي لا زالت حياته ومساره الثقافي والنضالي مجهولا لدى الكثير من الجزائريين”.